/ الفَائِدَةُ : (57) /
20/04/2025
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / لُغَةُ المعاني أَحَدُ الجهات المشتركة بين الإِنسان والمَلَك / هناك جهةٌ مُشْتَرَكةٌ بين الإِنسان والملائكة ، وهي : لُغَةُ المعاني ؛ فإِنَّها لُغَةُ التَّخاطب بينهما . وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، منها : 1ـ بیان قوله جلَّ قدسه : {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ} (1) . 2ـ بیان قوله جلَّ ذكره : [إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا] (2) . بل هذه اللُّغَة مُشْتَرَكةٌ أَيضاً بينهما وبين مخلوقات جمَّة ، فاللُّغَةُ المُشْتَرَكةُ بين الإِنسان والْجِنّ ، بل بينهما وبين الحيوانات هي لُغَةُ المعاني ، فإِنَّ للحيوانات درجةً من درجات الاِشْتِرَاك في المعاني . مثال ذلك : المعاني الوهميَّة ـ كالخوف ، والاِنبساط ، والغريزة ـ فإِنَّها كما هي موجودة لدىٰ الإِنسان والملائكة والْجِنّ موجودة أَيضاً لدىٰ سائر الحيوانات ؛ تحسُّ بها ، وتتعامل معها . بل هناك لُغَةٌ أُخرىٰ مُشْتَرَكةٌ بين الإِنسان والملائكة والْجِنّ والحيوانات والنباتات ، بل كافَّة المخلوقات ، وهي : لُغَةُ الفِطْرَةُ ؛ فإِنَّها لُغَةٌ تكوينيَّةٌ معنويَّةٌ تفاعليَّةٌ، تُفسَّر وتُترجَم وتُبيَّن بها جمله الأَشياء والأُمور، وهي أَسرع اللُّغات فهماً وأَكثرها شيوعاً وانتشاراً عند كافَّة المخلوقات ، وعلىٰ ضوء هذا يتمكَّن الإِنسان من تفسير حالات وظواهر عجيبة وغريبة تبدو بين المخلوقات مع اِختلاف أَجناسها وأَنواعها . وهذا ـ أَي : بحث لُغَة الفطرة ـ باب وسيع ، ولُغَة من لُغَات المعارف، ونظاماً من نظم أَبواب المعارف الجذَّابة والرَّائجة جِدّاً في العصر الرَّاهن ، وبها يُرتَّب ويُقرَّب البرهان لإِثبات : (التَّوحيد)، و(النُّبوَّة)، و(الإِمامة)، و(المعاد)، وقد شیَّدت بيانات الوحي هذا الباب ، وذَكَرَتها بعناوين مختلفة وكثيرة مقاربة لمعناها اللُّغوي ، منها : (الصِّبْغَة) و(الجِبِلَّة). واستعمال لُغَة الفطرة أَحد أَسباب وأَسرار نجاح الأَنبياء والأَوصياء عليهم السلام لا سيما سيِّدهم نبيُّنا الأَكرم صلى الله عليه واله في التَّأثير علىٰ البشريَّة ؛ فإِنَّهم اِهتمُّوا بها من بين سائر اللُّغات . بخلاف سائر المُصلحين من البشر ـ كالفلاسفة ـ ؛ فإِنَّهم لا يستخدمونها ولا يهتمُّون بها غالباً . وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) النساء: 97. (2) فصلت: 30